خرج من بيته ونظراته الزائغة تسبقه ، يوجهها إلى كل من يلقاه ، استقر فى عمله البسيط فى ديوان إحدى المؤسسات يوزع الخطابات والمشروبات ، بعد انتهاء الدوام خرج يفكر ، ماذا يصنع؟ يقترب من رجل توسم فية الصلاح : لو سمحت كنت أقف فى طابور الخبز وسرقت محفظتى وأريد العودة لبلدى البعيدة ، أخرج الرجل وأعطاه ثم عرج على ثان وثالث ...
عاد إلى منزله وهو محمل بالمأكولات والفاكهه ...
فى اليوم الثانى : لو سمحت ابنتى فى المستشفى بين الحياه والموت تحتاج إلى عملية ، ساعدنى ... لو تكرمت أطلب منك خدمة أنا وأسرتى فى الشارع طردنا صاحب الشقة ونحن بالا مأوى ساعدنا ... لى ابنتان فى الثانوية العامة تحتاجان إلى دروس وليس معى مال ساعدنى مما أعطاك الله ...
إمتلأت جيوبه ، ذهب ليشترى متطلباته ، أدخل يده ليخرج محفظته الممتلئة بما جمعه ومرتبه الذى قبضه منذ ساعتين فلم يجد شيئاً ... المحفظة؟ يدور حول نفسه : النقود؟
ألقى الأرغفة من يده : لو سمحت ، لم يلتفت إليه أحد : يا أستاذ لو تكرمت أنا حدث لى .
- الله يسهل لك ...
دخل الشارع ، إقترب من منزله ، أصحاب المحال ينظرون إليه ، إقترب أكثر ، سيارات الأطفاء ورجال الشرطة أسفل منزله ، إتسعت عيناه وجف ريقه وازدادت نبضات قلبه ، جاءته الأجابة من الضابط : أنت صاحب المنزل؟
- نعم ماذا حدث؟
- من يعيش معك فى الشقة؟
- أولادى فى الأبتدائى مع والدتهم ، ماذا حدث يا باشا؟
- تعالى معنا نستكمل المحضر فى القسم لو سمحت.
عاطف العزازى نشرت فى جريدة المحور العدد التاسع بتاريخ 15/8/2009
07 نوفمبر 2009