تخليداً لذكرى الرجل العظيم الذى أحب مصر من خالص اعماقة ... أقدم نبذة عن حياته فى ذكرى ميلادة
أُمىٌّ أسس أمة معاصرة وقوية، وأجنبىّ أحب مصر أكثر مما أحبها أهلها.. إنه محمد على باشا الذى يعد شخصية فارقة فى تاريخ مصر، وقد انتقل بها من عهد التقلبات والاضطرابات والتناحر على السلطة إلى عهد الاستقرار والبناء، ماضيا بها إلى عصر التحديث والندية مع دول الغرب على سائر المستويات كالتصنيع والتسليح والثقافة والطب والزراعة والاقتصاد والتعليم والتنمية بشكل عام،
وهو مولود فى مثل هذا اليوم ٤ مارس ١٧٦٩ فى بلدة قولة، أحد الموانئ الصغيرة الواقعة على الحدود بين ترافية ومقدونيا، وينحدر من سلالة ألبانية وقد توفى والده إبراهيم أغا وهو لايزال طفلا فاعتنى به عمه طوسون إلا أنه توفى هو الآخر، فتبناه أحد أصدقاء والده وعمل على رعايته وتربيته حتى بلغ الثامنة عشرة فتعلم الفروسية وفنون القتال،
ثم التحق بالجندية وقام بخدمة حاكم قولة واكتسب رضاه بذكائه ومهارته ثم انضم للجيش مرة أخرى عندما بدأ الباب العالى فى حشد جيوشه لمهاجمة الجيش الفرنسى بقيادة نابليون بونابرت.
وانتقل إلى مصر عام ١٨٠١ كمعاون لرئيس كتيبة قولة مع جيش (القبطان حسين باشا) الذى جاء لإجلاء الفرنسيين، وبقى محمد على فى مصر بعد خروج الفرنسيين منها، ونظراً لتميزه فقد رُقّى إلى عدة مناصب فأصبح نائباً للسلطان العثمانى، ثم أصبح والياً على مصر فى عام ١٨٠٥، وكان عمر مكرم ممن قادوا مهمة توليته، وبدأ مهامه بالقضاء على المماليك فى مذبحة القلعة الشهيرة،
كما قام بالقضاء على الإنجليز فى معركة رشيد، وبالتالى حوّل مصر إلى حالة من الاستقرار السياسى، تمهيداً للبدء فى بنائها، وكانت البداية من خلال تأسيس أول جيش نظامى قوى ساعد فى تدريبه الفرنسيون الذين تبقوا من الحملة الفرنسية.
خاض محمد على عددا من الفتوحات، وحربا ضد الوهابيين انتصر فيها ثم أخرى ضد السودانيين، وفرض سيطرته على الشام وكاد يستولى على الأستانة العاصمة إلا أن روسيا وبريطانيا وفرنسا قامت بحماية السلطان العثمانى، ولم يبق له سوى سوريا وجزيرة كريت، وأجبر على التراجع فى مؤتمر لندن عام ١٨٤٠ بعد تحطيم أسطوله فى نفارين.
ففرضوا عليه تحديد عداد الجيش، والاقتصار على حكم مصر لتكون حكما ذاتيا يتولاه من بعده أكبر أولاده سنا. أجرى محمد على عدة إصلاحات إدارية بمصر، فأنشأ مجلس الدواوين، والديوان العالى إلى أن توفى فى ١٣ رمضان ١٢٦٥ - ٢ أغسطس ١٨٤٩.
فكلنا عشق لك يا محمد باشا ونكن لك كل الحب والعرفان لك ولأبنك القائد العظيم إبراهيم باشا. وليأتو حكام اليوم لياخذو العبرة ممن احبوا مصر بصدق واخلاص.