ماذلت أتذكر ذلك الصخب الأعلامي الحكومي الموجه والضخم ، ومازلت أذكر تلك الأعلانات ومقالات الصحف الحكومية وكتابها المأجورين وهم يطبلون ويهللون ويمجدون بأن الرئيس مبارك بصدد أن يقيم مشروعاً يعد الأول والأخير في تاريخ مصر القديم والمعاصر وهو مشروع توشكي ؟ وبالغوا فيه مبالغة وجود طائر الرخ والعنقاء عن محاسن هذا المشروع القومي والذي سيقلب مصر رأساً علي عقب في مجالات توفير كل مايتمناه المواطن والدولة من محاصيل ونعم وفواكه وخضروات وسيضعنا في قمة المصدرين الزراعيين في العالم وأفاضوا ( البكاشين وأولاد النصابة ) كيف أن الرئيس العبقري الملهم أبن الملهم وصاحب الضربة الجوية ؟ كيف أنه يخطط وكيف يرسم بعبقريته المتقدة والمنقطعة النظير وإلهامه الغير مسبوق في التاريخ العالمي في رسم أمل ومستقبل البلاد والعباد ؟ بهذا المشروع العبقري الحلم والذي سوف يوفر ملايين من فرص العمل لشباب مصر فضلاً علي أغراق مصر بخيرات الله من محاصيل وخضر وفواكه ؟ وبدء مسلسل النصب والأهدار والتبديد والخيبة والوكسة ؟ وبدأت المليارات تبدد وتذهب سدي أدراج الرياح ؟ وبدأوا في شق مفيض توشكي وتبطينه ؟ ولتحويل مجري المياة إلي تلك البقعة الجرداء والتي سيحولها مبارك العظيم ؟ وبعصاه السحرية والتي أستلفها من سيدنا موسي ؟ إلي واحة مصر بل جنة الله علي أرض مصر والتي ستخرج علينا بالعسل وبالمن والسلوي ؟ وبدأوا شق القناة وتحويل المياة وأنفاق المليارات ؟ وذهب مبارك بنفسه ليضغط علي زر تحويل المياه إلي مفيض توشكي ؟ وبعدها بكام سنة وجدناه وهم ( النصابين والمبخرين ) يصورونه في وسط ( غيط ؟) في توشكي وهو يمسك في يده ( كالطفل المخدوع ) بكوساية أو خيارة ؟ وهو فاشخ بقه ومبسوط ومتكيف علي الآخر ؟
ومرت السنوات تلو السنوات ووصلنا حالياً لأواخر عام 2010 لنكتشف ويكتشف مبارك وعصابته أن مشروع توشكي ماهو إلا أكبر مثال للخديعة والنصب والعار وللفشل ؟ وماهو إلا بوصمة عار علي جبين الرئيس وعلي جبين ( الكلاب ) الذين خدعوه ؟ وزيفوا له الحقائق وليتضح أننا كنا بصدد واحدة من أكبر عمليات النهب والنصب والتبديد والتربح لمليارات من المال العام ذهبت إلي جيوب ( الكلاب السفهاء ) الذين غرروا بالرئيس وضيعوا أحلامه وصدقهم الرجل ولكي يكتشف وبالأخير ونحن معه أننا كنا أكبر المغفلين والغافلين وأننا لا ولم ولن نري بلحاً ولا عنباً ولا قمحاً من هذا المشروع السرابي الفاشل والمهين وربما كان أنتاجه الوحيد أو عائده الوحيد تلك الكوساية أو الخيارة والتي تصور بها مبارك أو صوروه وهو يمسكها في يده ؟! في قلب هذا المشروع الفاشل العقيم ؟ ولن أخوض في الخوابير التي وضعت في مؤخرة كل مصري بيد الكلاب ومستشاري السوء والغبرة بسبب هذا المشروع السرابي العقيم ولن أخوض في فضائح الأمير الوليد أبن طلال ؟ وكيفية تقديم أرض المشروع إليه كهدية هو أصلاً رافضاً لها لعدم جدواها الأقتصادية ؟ ومخالفات وفضايح وزارة الزرعة المهينة أو غيره وغيره من الكوارث والبلاوي والمصائب والتي لاتحص ولاتعد؟ والتي قرأناها جميعاً في نفس الصحف التي سوقت وهللت ومجدت لنفس المشروع ؟! وبالطبع لم ولن ؟ نري أنتاجاً حتي تاريخه لهذا المشروع الفاشل وكما هي العادة سكتت وخرصت وماتت أبواق الأعلام المأجور ؟ ولم يحاسب أحد ما الرئيس علي فعلته السودة وتبديده للمال العام ؟ ولم يحاسب الرئيس بدوره أحداً ما من مستشاري الغبرة علي تبديد حلم وطن ورئيس وأموال لاتعد ولاتحص أهدرت من جيوب مخرومة لأمة محرومة وشعب تعيس ورئيس مغرر به ؟
وللأسف الشديد أري نفس الوكسة والنكسة وقد تكررت مع مبارك في كذبة أخري أوقعوه فيها وكالعادة ؟ وهي مشروع ترعة السلام ؟ والذي كان بهدف نقل المياه إلي أرض سيناء ؟ وأيضاً أنفشخت الأبواق الوسخة عن آخرها لتعدد وتمجد المعجزات المنتظرة من وراء تلك الترعة ؟ وكيف أن هذه الترعة سوف تقلب الحياة في سيناء رأساً علي عقب وستحول أراضيها إلي جنة عدن وتقدم فرص بالملايين لأبناء تلك المحافظة وأستمروا في الكذب والخداع بأن هذا المشروع أو تلك الترعة سوف تجعل من صحراء سيناء أخصب الأراضي الزراعية وهي كفيلة بأصلاح ( كام مليون فدان ؟ ) وغيره من أقوال النصب والدجل ؟ وأيضاً ذهب مبارك وأخذوه كالعادة ( لكي يتصور ) صورة تذكارية وليضغط زر الدجل والوهم والسراب ولتنساب المياه في تلك الترعة ؟ وحتي تاريخه لم ولن نري أي مياه وصلت لسيناء ؟ ولم نري أي أستصلاح لأية أراضي في تلك المحافظة القاحلة والمنسية ؟ اللهم إلا نفس الرقع الزراعية في المدقات الجبلية والهضاب والتي تزرع بالبانجو والحشيش والأفيون ؟ ولم نري قمحاً ولا عدساً ولا حتي طماطم ؟ أنتجت من أراضي
سيناء ؟ بل أنني لا أعلم هل هذه الترعة مازالت قائمة وتوصل المياه لسيناء من عدمه ؟ ويقيني أن الرئيس مبارك نفسه لايعرف أكثر مني ؟ بل ربما إن لم يكن مؤكداً أنه نسي أنه يوماً ما قد أخذوه لأفتتاح مشروع أسمه ترعة السلام ؟ بل يقيناً أنه مثلي قد نسي تلك الترعة وأين تقع تحديدا أو حتي الغرض منهاً ؟ فهل ياتري نلوم ( الكلاب التي تملأ الدنيا ضجيجاً ونباحا علي مشاريع فاشلة وعقيمة وغايتها بالنهايةً هي الهبر والتربح والنهب ) أم نلوم صاحبها ومربيها وقانيها وراعيها والذي يحميها وتحميه ؟ أم نلوم أنفسنا نحن الشعب البائس الجاهل لأننا أكبر مغفلين في العالم ولأننا
أشترينا في يوما ما ميدان العتبة الخضراء والسكة الحديد والبوسطة وترماي السيدة زينب ؟ ثم الآن توشكي الفاشلة والعقيمة وترعة السلام الجافة ؟