نظرات الجميزة
بعد تردد أعدت القلم إلى أصابعى، وراح ينسج خيوط حدوتة اختزلها فى شرايين الذكريات يلامس البداية تحت الجميزة الضخمة التى كانت جدتى تحكى عنها وعن جذورها الضاربة عبر الزمن , حكايات وحكايات , أجلس مع أقرانى نتجاذب حكايات هامسة . الجميزة تعطف علينا وتلقى بين الحين والحين ثمرات حمراء نلتقطها ونأكلها . نرفع أعيننا . نشكرها ونسألها المزيد , أوراقها وفروعها المتقاربة تسمح لأشعة الشمس أن ترسل خيوطها إلينا مع رقصات الأوراق على أنغام الرياح , تتحرك الخيوط متلألئة ، لتصنع لنا لوحة مضيئة يعجز أى رسام أن يحاكيها . صمت الجميع لا نسمع إلا زقزقات العصافير تغرد فى أوكارها ….
تمر أمامنا وهى تلتحف طرحتها السوداء وهى تمسكها بيدها العيون تنتقل إليها ترسل سهام نظراتها اتجاهنا ، عيونها تنفذ إلى أعماقنا تقرأ ما خط القلم .
نبضات قلبى راحت تعلن للعالم أنه موجود يرسل نغمات إلى بحور الشعراء ليغوصوا فى أعماقه لينظموا قصائدهم على أنغامه .
أرجع إلى المدينة حيث كتبى ودراستى ولا يزال طعم الجميزة فى كل طعام والنظرات تلاحقني. أحاول المراسلة ولا صدى لصوتى أنتظر أجازة الدراسة حتى أعود إلى الجميزة أعود آكل من حباتها وأقرأ عباراتها الصامتة أسجل همساتها وابتساماتها التى كانت تضئ من بين ثنايا طرحتها السوداء التى تمسكها بيدها , أعيش طوال العام على ما سطره القلم وهذا العام عدت إلى الجميزة أنتظر مرورها فلم تعد…
توقف القلم لم تستطع أن يكمل ، يد حانية تلمس جبهتى فأفتح عينى على نظرة حانية وابتسامة رقيقة اصحي أنت تأخرت – ياه على طعم الجميزة – لسه فكر ..؟!
للكاتب الكبيــــ عاطف العزازى ـــــــرنشرت بجريدة المساء بتاريخ 92/12/2008صفحة 10 باب من كل أقليم مبدع