الفصل الخامس
فـى مدينـة الموتـى
إذا كان يجب أن تحارب عدواً، فيجب أن تفهم أولاً هذا العدو … كان الكابتن أحمد يعرف هذا، ولهذا أصغى بعناية لما قاله البروفيسور جونز عن العناكب. بينما كانت السيارات تقترب من الموقع الأثرى فى الصحراء، سأل الكابتن أحمد J "كيف يصنع مضاد السم؟ ولماذا يأخذ وقتاً طويلاً؟" شرح بروفيسور جونز قائلاًJ "أنت تعرف ماذا يحدث عندما تصاب ببرد … أولاً يدخل فيروس البرد فى دمك … وحينئذٍ تعمل أجسام مضادة لمقاومة الفيروس … يستعمل العلماء نفس الطريقة لعمل مضاد السم … أولاً يصنعوا كميات صغيرة من السم فى الحيوانات … عادة الخيول أو الغنام … حينئذٍ تفرز الحيوانات أجسام مضادة لمقاومة السم … ثم يقوم العملاء بإستخراج الأجسام المضادة من الحيوانات."
وإستطرد البروفيسور قائلاً: "على أى حال، إذا كانت العناكب نوعاً غير معروف، فيجب على العلماء أن يطوروا نوعاً جديداً من مضاد السم … وسوف تكون عملية بطيئة وصعبة مع كثير من المشاكل … أولاً يجب أن نحصل على بعض السم من العناكب … ثم نرسلها إلى معمل مضاد للسموم حيث يقوم العلماء بإنتاج مضاد للسم … ثم يأتى اصعب جزء وهو إستخراج مضاد السم من الدم وجعله آمن للإستعمال … وقد تمضى سنوات كثيرة قبل أن نستطيع إنتاج مضادات للسم بكميات كبيرة.
J "هل تظن أن هذه العناكب نوع غير معروف؟؟
J "يبدو هذا محتملاً."
J "حينئذٍ سوف لا نجد حماية ضدها لسنوات!"
وفى هذه اللحظة تذكر أيمن الرسالة التى وصلت قبل أن يغادر منزله. قرأها ثم أعطاها للبروفيسور و كابتن احمد :-
أيمن
أتوقع أن تكون قد قابلت بروفيسور جونز الآن … هل أخبرك عن النص الطبى القديم؟ يصف النص دواء للدغات العنكبوت الأسود والأصفر القاتل. لقد عمل المصريون القدماء هذا الدواء من جذور نبات إشناسيا نجرا. هل تستطيع أن تخبر البروفيسور أن لديَّ معلومات اكثر عن هذا النبات … إنه يوجد وينمو فقط فى سيناء … تقوم بدراسته باحثة فى علم عقار النبات فى جامعة القاهرة … اسمها وفاء سلطان.
تسائل الكابتنJ "ماذا تظن فى هذا يا بروفيسور؟"
قال بروفيسور جونز J " لا اعرف الكثير عن النبات … والشخص الذى يُسأل هى عالمة النبات وفاء سلطان."
اتصل الكابتن بالكولونيل بالاسيلكى … وبعد أن أخبره عن الأخبار بشأن النبات سألهJ "هل تظن أننا يجب أن نتحرى عن هذا يا سيدى؟"
تسائل الكولونيلJ "وما رأيك يا كابتن؟"
J "حسناً يا سيدى، ليس لدينا أي شئ أفضل الآن، أليس كذلك يا سيدى؟؟"
J "كلا، ليس لدينا، سأتصل بالجامعة لأجد وفاء سلطان. وإذا كانت العناكب نوع غير معروف … سنرسلها إلى سيناء لتحضر بعضاً من نبات الإشيناسيا نجرا."
أصبحت الثلاث سيارات قريبة من الموقع … وصلوا إلى سور عالى من الأسلاك وبوابة … وقف عند البوابة شرطيان حراسة … وأدا التحية عندما شاهدا الكابتن … أُقيم السور و البوابة بعدما دخل اللصوص فى المقابر منذُ أسبوعين … وكان هناك مبانى خشبية يستعملها علماء الآثار.
توقفت العربات بالقرب من المبانى الخشبية … واخذ الرجال يفرغون المعدات والملابس الواقية وخزانات مبيدات الحشرات … وأسلاك شائكة وكشافات كبيرة وأدوات ومواد بناء. وبعد نصف ساعة كان أيمن والبروفيسور وكابتن احمد وثلاث ضباط آخرون على إستعداد للنزول إلى المقابر التى تحت الأرض … كان كل رجل مغطى تماماً ببذلة كبيرة سوداء مصنوعة من البلاستيك القوى … وكل بذلة لها نافذة سميكة شفافة على الوجه … ولكن ليس هناك أى فتحة ينفد منها العنكبوت … وبها فلتر مثل قناع الغاز ليتنفس منها مرتديها … كانوا يشبهون أشياء من كواكب أخرى. كان الثلاث ضباط الشبان يحملون رشاشات كبيرة وخزانات مبيدات للحشرات. وكان بروفيسور جونز يحمل أله تشبه البندقية وفى إحدى النهايات آلة بنزين صغيرة، وحمل أيمن شنطة معدات للبروفيسور. تسلق الرجال الستة هابطين فى ظلام المقبرة التى تحت الأرض، أضاءوا البطاريات التى كانوا يحملونها على رأسهم … تتبعوا نفس الطريق الذى سلكه اللصوص من قبل منذٌ أسبوعين … وعندما وصلوا إلي الممر الواسع شاهد البروفيسور كل خيوط العناكب الكبيرة التى شاهدها اللصوص، وصاح بإنفعالJ "هذا شئ رائع!!"
أراد الكابتن أن يستمر فى العمل، فقالJ "بروفيسور، أين أحسن مكان لتقيم معداتك؟؟"
قال البروفيسورJ "أظن هناك، وأشار إلى مكان حيث تتدلى خيوط عنكبوت كبيرة من السقف."
أمر الكابتن الثلاث ضباط الشبان أن يحرسوا البروفيسور وهو يقيم معداته … أولاً، اخذ البروفيسور ملاءة من شنطة … بسط الملاءة ونشرها على الأرض … ثم اخرج بعض الأنابيب المعدنية الطويلة الرفيعة … وضعها معاً ليكون أربع أرجل وبرواز … ثم وضع الملاءة على البرواز … وكانت الملاءة على بعد سنتيمترات قليلة فوق الأرض … على إستعداد أن تمسك بأى شئ يسقط عليها. وبعد ذلك، بدأ يشغل الآلة التى تشبه البندقية … كانت الضوضاء عالية جداً فى الممر الكبير الذى تحت الأرض. صاح من خلال القناعJ "حسناً، تراجعوا !! فسوف أدير قاذفة الدخان." ثم ضغط على مفتاح … إندفع دخان سام خارجاً من قاذفة الدخان … وتصاعدت سحباً ساخنة من الدخان إلى السقف. وبعد ثوان قليلة سقط أول شئ ميت على الملاءة … ثم أوقف البروفيسور قاذفة الدخان و الآلة … ثم سمعوا ضوضاء أكثر مثل قطرات المطر … حيث سقطت أشياء ميتة أكثر على الملاءة … وبعد دقيقة … توقفت الأصوات وقال البروفيسورJ "وهو كذلك، دعونا نشاهد ما حصلنا علية."
على الملاءة البيضاء كان ما يقرب من عشرون حشرة صغيرة وعنكبوت … قال البروفيسور منفعلاًJ "أنظروا" وإلتقط ثلاثة من أكبر العناكب … كانت نصف العنكبوت الكبير الذى شاهده أيمن فى المدينة، ولكنها كانت سوداء ذات خطين صفراء سميكة على ظهرها.
قال أيمنJ "هى نفس العناكب."
تساءل الكابتنJ "هل أنت متأكد؟؟"
J "أجل، هى مثل نفس العنكبوت الذى شاهدته فى المدينة … فقط ذلك العنكبوت كان أكبر."
تناول البروفيسور عدسة مكبرة من حقيبته وفحص العناكب وقال "كل هذه ذكور بالغة." وضع البروفيسور العناكب فى صندوق، ووضعه فى حقيبة. وفى هذه اللحظة سمع كل واحد صوت شئ آخر ميت يسقط على الملاءة … كان الصوت أكثر علواً وثقلاً عن الأصوات الأخرى … كان عنكبوت أسود وأصفر، ولكنة كان أكبر مرتين … ولم يكن ميتاً … قفز على أحد الضباط الشبان … غطى جسمه الأسود الكبير قناع وجه الرجل … حاولت أرجله أن تتشبث … وحاولت أذنابه أن تقتل … إستعمل الضابطان رشاشات المبيدات الحشرية … غطت سحب من المبيدات الحشرية المميتة العنكبوت فسقط على الأرض. أمسك البروفيسور بالعنكبوت وفحصه ثم قالJ "إنها أنثى" وفجأة تحرك العنكبوت … لم تكن ميتة … جرت فى الظلام وإختفت … كان الضابط الشاب يسعل بطريقة سيئة … هرع الكابتن نحوه وهو يسقط على الأرض.
قال الكابتنJ "أذناب العنكبوت كسرت قناع الوجه! يجب أن نرحل من هنا فى الحال." أمر أحد الضباط أن يسير فى المقدمة والآخر فى الخلف … هو وأيمن حملا المصاب، حمل البروفيسور الحقيبة وبداخلها الثلاث عناكب الميتة. وعندما أصبحوا فى الخارج فى الهواء الطلق، خلعوا بذلة الضابط … لم يكن هناك دماء على وجهه.
قال البروفيسورJ "إنه سيكون على ما يرام … أعتقد انه استنشق بعض المبيدات الحشرية"
تسائل الكابتنJ "هل تستطيع أن تحدد نوع العنكبوت الآن؟"
أجاب البروفيسورJ "أستطيع أن أقول لك أن هذا العنكبوت ليس نوعاً معروفاً."
تسائل الكابتنJ "هل أنت متأكد؟؟"
أجاب البروفيسورJ "قبل أن أغادر اكسفورد بحثت فى قاعدة البيانات الأساسية عن كل الأنواع المعروفة … وبحثت فى كل العناكب السوداء والصفراء فى قاعدة البيانات الأساسية ولم أجد عنكبوتاً يشبه هذا."
ساد السكون بينما كان الكابتن يفكر ثم قالJ "بروفيسور … ما هى احسن طريقة لتدمير هذه العناكب؟؟"
بدا بروفيسور جونز وكما لو كان شخصاً أطلق علية الرصاص … فتح فمه … ولكن لم تخرج كلمة منه … وأخبراً قالJ " لا تستطيع أن تدمر هذه العناكب"
J "ولم لا؟؟"
J "يا كابتن … هذا نوع جديد … هذا إكتشاف علمى عظيم!!"
J "بروفيسور … أفهم إهتماماتك العلمية … ولكن عشرة أشخاص ماتوا بالفعل … عملى أن أوقف المزيد من الموت."
لم يقل البروفيسور شيئاً لمدة دقيقة ثم قالJ "إنك على حق … يجب أن تفعل ما هو ضرورى … ولكن من وجهة نظرى … هذا مستحيل."
J "ولماذا؟؟"
J "العناكب موجودة تحت الأرض … ولا نعرف أين توجد كل الحجرات والممرات التى تحت الأرض … كما أننا لا نعرف كم تبلغ المساحة … قد نستطيع أن نقتل بعضاً من هذه العناكب، ولكن البعض منها سوف يعيش … ولهذا فالخطة سوف لا تنجح … ولكن كل ما تفعله هوا انك سوف تدمر هذا الموقع الأثرى الهام."
فكر الكابتن ثم قالJ "سوف انقل وجهة نظرك إلى الكولونيل … فهذا الأمر يحب أن يقرره مستوى أعلى."
ثم اصدر أوامره للضباط الآخرينJ "لا تدعوا أي شخص يقترب من هذا الموقع … ولا تتركوا أى شئ بدون بحث دقيق … ولا سيارة ولا صندوق ولا أي شئ." ثم دخل أحد المبانى الخشبية وتحدث مع الكولونيل بالاسيلكى … وعندما خرج قال لبروفيسور جونز وأيمن J "يريدنى الكولونيل أن أعود إلى المدينة … وأنتم أيضاً … يجب أن نأخذ العناكب الميتة معنا … ونرسل غدد السم الخاصة بهم إلى معمل مضاد السموم … وهناك سيبدأ العلماء فى العمل لعمل مضاد السم."
تساءل أيمنJ "وماذا بشأن نبات الإشناسيا نجرا؟؟؟"
J "لقد نظم الكولونيل أن تغادر عالمة النبات من جامعة القاهرة بطائرة هليوكوبتر إلى سيناء … وهناك ستصحبها الشرطة إلى الجبال لتحصل على النباتات … يجب أن نجد العنكبوت الذى شاهدته فى الحوامدية."
قال البروفيسورJ "دعونا نأمل أنها لم تنتج أى صغار إلى الآن."