أبو أحمد ؟ راجع من شغله كالعادة ، عرقه مرقه وقميصة مفكوك الزراير وخارج بره بنطلونه وتعصره يجيب لك تمر هندي ؟ وشعره منكوش وحاله يصعب علي الكافر ؟ وبمجرد فتحه لباب الشقة المتواضعة التي يقطنها تقابله مراته ( الست حلاوتهم ) وهي تبكي وتولول ؟ أيه الحكاية يسالها المسكين ؟ فتجيب حلاوتهم الغسالة التوماتيكي أتحرقت بسبب الزفت الكهربه ؟ والميكانيكي قال الموتور أتحرق ومش نافعة خلاص ، ولازم نجيب غسالة جديدة ؟ أبو أحمد يقول منين ياحلوة ؟ ماأنت عارفة البير وغطاه ؟ ده حتي أقساط الغسالة المحروقة لسه ماخلصتش ؟ حلاوتهم تضرب بالصوت الحياني وتلطم علي خدودها وتولول وتلعن اليوم الأسود اللي شافته فيه ؟ ينام المسكين في الغم والهم والنكد ؟ ويطلع الصبح فتاح ياعليم ،
حلاوتهم : صباح الخير ياأبو أحمد مايردش ؟ ودخل الحمام يفتح الحنفية ؟ بح مافيش ولا نقطة ميه ؟ ناوليني ياحلاوتهم قزازة ميه من الزفت التلاجة ، بح ماكانش يتعذر ياخويا ؟ العيال شربت الميه كلها إمبارح ؟ يفرك المسكين عينيه بكلتا يديه ويسرح شعره بأصابعه ؟ طيب عاوز يصلي الصبح ؟ مافيش ميه ؟ طيب يتيمم ؟ مافيش تراب ؟ الأمر لله – يخرج من باب البيت الآيل أصلاً للسقوط وإذا ببحيرة صناعية من مياة المجاري تقابله وتمنعه وتصده وتحتاج لقارب لكي ينتقل ويعبر إلي ضفتها الأخري ؟ ومع أن عرض الشارع أو الحارة لايكمل 3 متر ؟ يبدأ مع السكان في لعبة رص الطوب الحكومية ( طوبة – طوبة ) ولكي يستطيع عمل رأس كوبري للعبور العظيم لقناة المجاري ؟ المهم شمر عن بنطلونه وأتكل علي الله وأدي ماعليه من تمرينات الصباح الحكومية الألزامية ، وأفلح بعد رقصة البهلوان الحكومية والمصرية المنشأ ؟ في الأنتقال لضفة القناة ونجح في العبور العظيم ؟ ولكن الست أم نادية جارتهم حامل وفي التاسع وبتستنجد بيه يعديها ؟ رجع المسكين وأخذ بأيدها وعداها طوبة بطوبة وهو يرقص معها رغماً عن أنفه رقصة التانجو المصرية والحكومية فوق قطع الطوب الغارقة في المجرور؟ وأنزل بنطلونه وأتكل علي الله وهو يجري حتي لايفوته موعد التوقيع في دفاتر الحضور والأنصراف في المصلحة ؟ وذهب كالعادة إلي محطة مترو الأنفاق ؟ فوجد المترو بيقوله بح آسف ؟ الكهربة مقطوعة ياحبيبي ؟ كاد يتمزق من الغيظ والأكتئاب وهو يصعد مع حشود الجماهير الغفيرة إلي سطح الأرض ليستقل أي ميكروباص ؟ وجد الجماهير فوق سطح الأرض في حشود وكأنه يوم الحشر العظيم ؟ ووقف المسكين ينتظر الميكروباص ؟ ويري مرغماً ومجهداً مغموماً جميع فنون المصارعة الحرة والروماني والملاكمة والكراتيه والكونغ فو المصري من الجماهير التي تتصارع وتتقاتل ولو حتي بالشعبطة في مراية الميكروباص ؟ والميكروباصات كلها أمامه مرصوصة رصاً باحتراف وعن آخرها ، وأخيراً وبعد طول عذاب في الأنتظار نجح في الجلوس علي حجر واحد أو واحدة ؟ مش حاسس ولا حتي فارقة معاهم ؟ ووجد صبي الميكروباص والذي يقود وبدون رخصة للقيادة وسيارة خردة منتهية الصلاحية ماركة الترامكو وبدون نمر ولا رخص ولا لوحات ولا حتي فرامل ؟ وكأنه يريد الترفيه عنه وهو يهم بوضع كاسيت للمطرب العالمي ( أبو الليف ) ولكي يجعر الأخير وبصوت نشاز وموسيقي واطية ؟ وبأعلي صوته وبكلمات لايفهمها أي مسطول في الدنيا ؟
وصل أبو أحمد خائر القوي ومُصَدعاً ومهموماً إلي شغله ولكن ؟ بعد ساعة كاملة من مواعيد الحضور ؟ والدفاتر أتشالت ، ذهب لرئيسه فقال له بح آسف ؟ أدخل للمدير ؟ دخل المدير أتقلبت معاه بخناقة ويوم أسود من قرن الخروب السوداني ؟ وحولوه عالتحقيق وللشئون القانونية وهبدوه 3 أيام خصم من المرتب ؟ وفجأة وهو غرقان في بحر المصايب والوحل هذا تتصل به حلاوتهم : خالك وولاده جايين علي الفطار النهار ده؟ فطار عقله وفار وهو الصائم وبدون إفطار ؟ وأخذ يتهامس مع نفسه كالمجذوب أو المخبول: طيب كيلو اللحمة بسبعين جنيه ده غير الخضار والذي منه - وولاد خاله عاوزين جاموسة ؟ طيب منين ؟ بح ، وهو مفيش في جيبه إلا 30 ملطوش فكه يعمل أيه ؟ ... بس لقيت الحل ؟ أروح لأختي وأستلف منها 200 جنيه لزوم العزومة المفروضة علينا بالعافية ديه ؟ قالها وهو يحادث نفسه هماً وكمداً ؟ هب - وجري ونسي الجزاء والتحقيق والمدير والغسالة المحروقة ، وأبتدأ رحلة العذاب المهين والمقيم في العودة أيضاً ؟ وجلس علي حجر واحد أو واحدة مش حاسس ومش فارق مع الأتنين ؟ وراح جري علي أخته ؟ لقي أخته متخانقة مع جوزها وأول ماشافته ، قالت له أبن حلال ؟ يلا يا ولاد خالكم جه ؟ فأخذ أخته وأولادها ووقف ساعتين حتي أفلح في أصطياد الميكروباص ؟ وبقي عليه أن يعبر بهم واحداً واحداً ضفة القناة المجرورية ؟ وينتصر علي مصلحة المجاري ووزير المرافق ؟ ويغرس رايته علي الضفة الأخري من القناة ؟
بص في الساعة ، فاضل ساعة واحدة علي أذان المغرب ؟ طلع ما تسمي بالشقة فوجد حلاوتهم في وشه؟ وخاله وزوجته وأولاده الخمسة في عين العدو ؟ وعد معاهم أخته وأولادها ؟ المهم بقوا 14 في عين العدو ؟ وخاصة في عين مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان ؟ أخذ المسكين يعتذر لخاله وجماعته وأن الوقت لم يسعفه لعمل الواجب معهم وخاصة بسبب مشكلة أخته ؟ وأقترح عليهم جميعاً بعد أن أقنعهم بالفطور الجماعي علي أقرب مائدة رحمن ولو علي سبيل التغيير ؟ فوافقوا علي مضض ؟ ونزل المسكين بهم مرة أخري وبمساعدة من خاله المسن ونجح وللمرة ثالثة ؟ وبعد
أن أدوا إجباراياً جميعاً التمارين والطقوس الحكومية الألزامية في رقصة التانجو المصرية البهلوانية ؟ وفي فنون مسابقة القفز من طوبة إلي طوبة أخري ؟ ليجتازوا ذلك المانع المائي الآسن والقذر ؟ ويعبروا عبور الأبطال والمغاوير ؟ وهم الآن جميعهم في طريقهم لمائدة الرحمن ؟ وذهل أبو أحمد وهو يري ولم يكن أبداً ليصدق أن ( مصر كلها ) قاعدة معاه علي مائدة الرحمن ؟ بهوات وستات آخر نضافة وزي لهطة القشطة ؟ والجميع مثله وعلي مثل حاله يسألون الله حق النشوق ؟ وبعد الفطور ، إذا بالبيه الجالس لصقاً لجواره يسأله أيه رأيك ياأستاذنا : في البرادعي أو أيمن نور أو جمال ؟ رد المسكين ؟ مين هو البرادعي ده ؟! ولا مين هم التانيين دول اللي بتتكلم عليهم ؟ ياعم ربنا يخليك سيبني في حالي وفي همي ، ولم يرد ؟! فالمسكين كان يفكر مع نفسه كيف سيعود بحلاوتهم وأولاده - ومعهم أخته وأولادها إلي بيته ؟ ومن أين له بالنفقات ؟ وكما أنه ليس من باب الأدب أن تجلس حلاوتهم مراته علي حجر واحد أو واحدة كما يفعل كل يوم ؟ إذن لاسبيل إلا الفداء والتضحية وهو يصيح: تاكسي .. شق التعبان ياأسطي – الأسطي يرد عليه .. شق بطنك يا أخي ؟ تاكسي .. شق التعبان ياأسطي – الأسطي .. يحنن ياخويا ؟ مفيش فايدة وبعد طول معاناة وأنتظار نجح في أصطياد ميكروباص وحشر فيه أخته
بأولادها وبالكاد وطلوع الأنفاس ؟ ثم جلس هو وأخذ حلاوتهم علي حجره ؟! وهو يزعق في السائق : شق التعبان ياأسطي ؟